(
ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) .
ثم قال تعالى حكاية عن
عيسى : (
ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم ) (أن) مفسرة ، والمفسر هو الهاء في (به) الراجع إلى القول المأمور به ، والمعنى ما قلت لهم إلا قولا أمرتني به وذلك القول هو أن أقول لهم : اعبدوا الله ربي وربكم ، واعلم أنه كان الأصل أن يقال : ما أمرتهم إلا بما أمرتني به ، إلا أنه وضع القول موضع الأمر ، نزولا على موجب الأدب الحسن ، لئلا يجعل نفسه وربه آمرين معا ، ودل على
[ ص: 113 ] الأصل بذكر (أن) المفسرة .
ثم قال تعالى : (
وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم ) أي كنت أشهد على ما يفعلون ما دمت مقيما فيهم .
(
فلما توفيتني ) والمراد منه
وفاة الرفع إلى السماء ، من قوله : (
إني متوفيك ورافعك إلي ) [آل عمران : 55] .
(
كنت أنت الرقيب عليهم ) قال
الزجاج : الحافظ عليهم المراقب لأحوالهم .
(
وأنت على كل شيء شهيد ) يعني أنت الشهيد لي حين كنت فيهم وأنت الشهيد عليهم بعد مفارقتي لهم ، فالشهيد الشاهد ، ويجوز حمله على الرؤية ، ويجوز حمله على العلم ، ويجوز حمله على الكلام بمعنى الشهادة ، فالشهيد من أسماء الصفات الحقيقية على جميع التقديرات .