(
قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين )
قوله تعالى : (
قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين )
اعلم أنه تعالى كما صبر رسوله بالآية الأولى ، فكذلك حذر القوم بهذه الآية ، وقال لرسوله قل لهم لا تغتروا بما وجدتم من الدنيا وطيباتها ووصلتم إليه من لذاتها وشهواتها ، بل سيروا في الأرض لتعرفوا صحة ما أخبركم الرسول عنه من نزول العذاب على الذين كذبوا الرسل في الأزمنة السالفة ، فإنكم عند السير في الأرض والسفر في البلاد لا بد وأن تشاهدوا تلك الآثار ، فيكمل الاعتبار ، ويقوى الاستبصار .
فإن قيل : ما الفرق بين قوله : ( فانظروا ) وبين قوله : ( ثم انظروا ) .
قلنا : قوله : ( فانظروا ) يدل على أنه تعالى جعل النظر سببا عن السير ، فكأنه قيل : سيروا لأجل النظر ولا تسيروا سير الغافلين .
[ ص: 136 ] وأما قوله : (
سيروا في الأرض ثم انظروا ) فمعناه إباحة
السير في الأرض للتجارة وغيرها من المنافع ، وإيجاب
النظر في آثار الهالكين ، ثم نبه الله تعالى على هذا الفرق بكلمة " ثم " لتباعد ما بين الواجب والمباح والله أعلم .