المسألة الرابعة : قال القاضي : الآية تدل على أن
من لم يعاقب في الآخرة ممن يصرف عنه العقاب ، فلا بد من أن يثاب وذلك يبطل قول من يقول : إن فيمن يصرف عنه العقاب من المكلفين من لا يثاب ، لكنه يتفضل عليه .
فإن قيل : أليس من لم يعاقبه الله تعالى ويتفضل عليه فقد حصل له الفوز المبين وذلك يبطل دلالة الآية على قولكم ؟
قلنا : هذا الذي ذكرتموه مدفوع من وجوه :
الأول : أن التفضل يكون كالابتداء من قبل الله تعالى ، وليس يكون ذلك مطلوبا من الفعل ، والفوز هو الظفر بالمطلوب ، فلا بد وأن يفيد أمرا مطلوبا .
والثاني : أن الفوز المبين لا يجوز حمله على التفضل بل يجب حمله على ما يقتضي مبالغة في عظم النعمة ، وذلك لا يكون إلا ثوابا .
والثالث : أن الآية معطوفة على قوله : (
إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ) والمقابل للعذاب هو الثواب ، فيجب حمل هذه الرحمة على الثواب .
واعلم أن هذا الاستدلال ضعيف جدا وضعفه ظاهر فلا حاجة فيه إلى الاستقصاء والله أعلم .