المسألة الرابعة : اعلم أنه كان مقصود القوم من ذكر قولهم : (
إن هذا إلا أساطير الأولين ) القدح في كون القرآن معجزا فكأنهم قالوا : إن هذا الكلام من جنس سائر الحكايات المكتوبة ، والقصص المذكورة
[ ص: 156 ] للأولين ، وإذا كان هذا من جنس تلك الكتب المشتملة على حكايات الأولين وأقاصيص الأقدمين لم يكن معجزا خارقا للعادة . وأجاب القاضي عنه بأن قال : هذا السؤال مدفوع لأنه يلزم أن يقال : لو كان في مقدوركم معارضته لوجب أن تأتوا بتلك المعارضة ، وحيث لم يقدروا عليها ظهر أنها معجزة . ولقائل أن يقول : كان للقوم أن يقولوا نحن وإن كنا أرباب هذا اللسان العربي إلا أنا لا نعرف كيفية تصنيف الكتب وتأليفها ولسنا أهلا لذلك . ولا يلزم من عجزنا عن التصنيف
كون القرآن معجزا لأنا بينا أنه من جنس سائر الكتب المشتملة على أخبار الأولين وأقاصيص الأقدمين .
واعلم أن الجواب عن هذا السؤال سيأتي في الآية المذكورة بعد ذلك .