[ ص: 30 ] (
والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون )
قوله تعالى : (
والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون )
اعلم أن قوله : (
الذين يؤمنون بالغيب ) عام يتناول كل من آمن
بمحمد صلى الله عليه وسلم ، سواء كان قبل ذلك مؤمنا
بموسى وعيسى عليهما السلام ، أو ما كان مؤمنا بهما ،
ودلالة اللفظ العام على بعض ما دخل فيه التخصيص أضعف من دلالة اللفظ الخاص على ذلك البعض ، لأن العام يحتمل التخصيص ، والخاص لا يحتمله ، فلما كانت هذه السورة مدنية ، وقد شرف الله تعالى المسلمين بقوله : (
هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ) فذكر بعد ذلك
أهل الكتاب الذين آمنوا بالرسول :
nindex.php?page=showalam&ids=106كعبد الله بن سلام وأمثاله بقوله : (
والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك ) لأن في هذا التخصيص بالذكر مزيد تشريف لهم كما في قوله تعالى : (
من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال ) [البقرة : 98] ثم تخصيص
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام وأمثاله بهذا التشريف ترغيب لأمثاله في الدين ، فهذا هو السبب في ذكر هذا الخاص بعد ذلك العام ، ثم نقول : أما قوله : (
والذين يؤمنون بما أنزل إليك ) ففيه مسائل :
( المسألة الأولى ) : لا نزاع بين أصحابنا وبين
المعتزلة في أن
الإيمان إذا عدي بالباء فالمراد منه التصديق ، فإذا قلنا : فلان آمن بكذا ، فالمراد أنه صدق به ، ولا يكون المراد أنه صام وصلى ، فالمراد بالإيمان ههنا التصديق بالاتفاق ، لكن لا بد معه من المعرفة ؛ لأن الإيمان ههنا خرج مخرج المدح ، والمصدق مع الشك لا يأمن أن يكون كاذبا ، فهو إلى الذم أقرب .