(
قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين ) قوله تعالى : (
قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين )
[ ص: 37 ] اعلم أن
إبليس لما وعد بالإفساد الذي ذكره ، خاطبه الله تعالى بما يدل على الزجر والإهانة فقال : ( اخرج منها ) من الجنة أو من السماء ( مذءوما ) قال
الليث : ذأمت الرجل فهو مذءوم أي : محقور والذام الاحتقار ، وقال
الفراء : ذأمته إذا عبته يقولون في المثل لا تعدم الحسناء ذاما . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : المذءوم المذموم ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : مذءوما : مذموما بأبلغ الذم ، قال
أمية :
وقال لإبليس رب العباد أن اخرج دحيرا لعينا ذءوما
وقوله : ( مدحورا ) الدحر في اللغة الطرد والتبعيد ، يقال دحره دحرا ودحورا إذا طرده وبعده ، ومنه قوله تعالى : (
ويقذفون من كل جانب دحورا ) وقال
أمية :
وبإذنه سجدوا لآدم كلهم إلا لعينا خاطئا مدحورا
وقوله : (
لمن تبعك منهم ) اللام فيه لام القسم ، وجوابه قوله : ( لأملأن ) قال صاحب "الكشاف" روى
عصمة عن
عاصم : ( لمن تبعك ) بكسر اللام بمعنى ( لمن تبعك منهم هذا الوعيد ) وهو قوله : (
لأملان جهنم منكم أجمعين ) وقيل : إن (لأملأن) في محل الابتداء ( ولمن تبعك ) خبره ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590أبو بكر بن الأنباري : الكناية في قوله : (
لمن تبعك منهم ) عائد على ولد آدم ؛ لأنه حين قال : (
ولقد خلقناكم ) كان مخاطبا لولد آدم فرجعت الكناية إليهم .
قال القاضي : دلت هذه الآية على أن التابع والمتبوع معنيان في أن جهنم تملأ منهما ثم إن الكافر تبعه ، فكذلك الفاسق تبعه ، فيجب القطع
بدخول الفاسق النار ، وجوابه أن المذكور في الآية أنه تعالى يملأ جهنم ممن تبعه ، وليس في الآية أن كل من تبعه فإنه يدخل جهنم فسقط هذا الاستدلال ، ونقول : هذه الآية تدل على أن
جميع أصحاب البدع والضلالات يدخلون جهنم ؛ لأن كلهم متابعون لإبليس . والله أعلم .