[ ص: 69 ] (
ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون )
قوله تعالى : (
ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون )
اعلم أنه تعالى لما شرح وعيد الكفار وثواب أهل الإيمان والطاعات أتبعه بذكر المناظرات التي تدور بين الفريقين . وهي الأحوال التي ذكرها في هذه الآية .
واعلم أنه تعالى لما ذكر في الآية المتقدمة قوله : (
ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها ) دل ذلك على أنهم استقروا في الجنة في وقت هذا النداء, فلما قال بعده : (
ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار ) دل ذلك على أن هذا النداء إنما حصل بعد الاستقرار ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
وجدنا ما وعدنا ربنا في الدنيا من الثواب حقا فهل وجدتم ما وعدكم ربكم من العقاب حقا ؟ والغرض من هذا السؤال إظهار أنه وصل إلى السعادات الكاملة وإيقاع الحزن في قلب العدو وههنا سؤالات :
السؤال الأول : إذا كانت الجنة في أعلى السماوات والنار في أسفل الأرضين فمع هذا البعد الشديد كيف يصح هذا النداء ؟
والجواب : هذا يصح على قولنا : لأنا عندنا البعد الشديد والقرب الشديد ليس من موانع الإدراك ، والتزم القاضي ذلك وقال : إن في العلماء من يقول : في الصوت خاصية أن البعد فيه وحده لا يكون مانعا من السماع .
السؤال الثاني : هذا النداء يقع من كل أهل الجنة لكل أهل النار أو من البعض للبعض ؟
والجواب : أن قوله : (
ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار ) يفيد العموم . والجمع إذا قوبل بالجمع يوزع الفرد على الفرد ، وكل فريق من أهل الجنة ينادي من كان يعرفه من الكفار في الدنيا .
السؤال الثالث : ما
معنى ( أن ) في قوله : ( أن قد وجدنا ) .
والجواب : أنه يحتمل أن تكون مخففة من الثقيلة ، وأن تكون مفسرة كالتي سبقت في قوله : (
أن تلكم الجنة ) وكذلك في قوله : (
أن لعنة الله على الظالمين ) .
السؤال الرابع : هلا قيل : ( ما وعدكم ربكم حقا ) كما قيل : (
ما وعدنا ربنا ) ؟ .
والجواب : قوله : (
ما وعدنا ربنا حقا ) يدل على أنه تعالى خاطبهم بهذا الوعد ، وكونهم مخاطبين من قبل الله تعالى بهذا الوعد يوجب مزيد التشريف . ومزيد التشريف لائق بحال المؤمنين ، أما الكافر فهو ليس
[ ص: 70 ] أهلا لأن يخاطبه الله تعالى ؛ فلهذا السبب لم يذكر الله تعالى أنه خاطبهم بهذا الخطاب بل ذكر تعالى أنه بين هذا الحكم .