(
أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون )
قوله تعالى : (
أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون ) اعلم أن في الآية مسائل :
( المسألة الأولى ) : في كيفية تعلق هذه الآية بما قبلها وجوه ثلاثة :
أحدها : أن ينوي
الابتداء " بالذين يؤمنون بالغيب " ، وذلك لأنه لما قيل : (
هدى للمتقين ) فخص المتقين بأن الكتاب هدى لهم كان لسائل أن يسأل فيقول : ما السبب في اختصاص المتقين بذلك ؟ فوقع قوله : (
الذين يؤمنون بالغيب ) إلى قوله : (
وأولئك هم المفلحون ) جوابا عن هذا السؤال ، كأنه قيل : الذي يكون منشغلا بالإيمان وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والفوز بالفلاح والنجاة لا بد وأن يكون على هدى من ربه .
وثانيها : أن لا ينوي الابتداء به ، بل يجعله تابعا (
للمتقين ) ثم يقع الابتداء من قوله : (
أولئك على هدى من ربهم ) كأنه قيل : أي سبب في أن صار الموصوفون بهذه الصفات مختصين بالهدى ؟ فأجيب بأن أولئك الموصوفين غير مستبعد أن يفوزوا دون الناس بالهدى عاجلا وبالفلاح آجلا .
وثالثها : أن يجعل الموصول الأول صفة " المتقين " ، ويرفع الثاني على الابتداء ، و (
أولئك ) خبره ، ويكون المراد جعل اختصاصهم بالفلاح والهدى تعريضا
بأهل الكتاب الذين لم
[ ص: 32 ] يؤمنوا بنبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم ظانون أنهم على الهدى ، وطامعون أنهم ينالون الفلاح عند الله تعالى .