(
واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين )
[ ص: 6 ] قوله تعالى :(
واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين )
اعلم أن المراد من هذه الآية
قصة اتخاذ السامري العجل ، وفيها مسائل :
المسألة الأولى : قرأ
حمزة والكسائي : " حليهم " بكسر الحاء واللام وتشديد الياء للإتباع كدلي . والباقون :(
حليهم ) بضم الحاء وكسر اللام وتشديد الياء جمع حلي كثدي وثدي ، وقرأ بعضهم :(
من حليهم ) على التوحيد ، والحلي اسم ما يتحسن به من الذهب والفضة .
المسألة الثانية قيل : إن
بني إسرائيل كان لهم عيد يتزينون فيه ويستعيرون من
القبط الحلي فاستعاروا حلي
القبط لذلك اليوم ، فلما أغرق الله
القبط بقيت تلك الحلي في أيدي
بني إسرائيل ، فجمع
السامري تلك الحلي ، وكان رجلا مطاعا فيهم ذا قدر وكانوا قد سألوا
موسى - عليه السلام - : أن يجعل لهم إلها يعبدونه ، فصاغ
السامري عجلا . ثم اختلف الناس ، فقال قوم كان قد أخذ كفا من تراب حافر فرس
جبريل - عليه السلام - فألقاه في جوف ذلك العجل ، فانقلب لحما ودما وظهر منه الخوار مرة واحدة . فقال
السامري : هذا إلهكم وإله
موسى ! وقال أكثر المفسرين من
المعتزلة : إنه كان قد جعل ذلك العجل مجوفا ، ووضع في جوفه أنابيب على شكل مخصوص ، وكان قد وضع ذلك التمثال على مهب الرياح ، فكانت الريح تدخل في جوف الأنابيب ويظهر منه صوت مخصوص يشبه خوار العجل ، وقال آخرون : إنه جعل ذلك التمثال أجوف ، وجعل تحته في الموضع الذي نصب فيه العجل من ينفخ فيه من حيث لا يشعر به الناس فسمعوا الصوت من جوفه كالخوار . قال صاحب هذا القول : والناس قد يفعلون الآن في هذه التصاوير التي يجرون فيها الماء على سبيل الفوارات ما يشبه ذلك ، فبهذا الطريق وغيره أظهر الصوت من ذلك التمثال ، ثم ألقى إلى الناس أن هذا العجل إلههم وإله
موسى .