[ ص: 82 ] أما قوله تعالى :(
وإخوانهم يمدونهم في الغي ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : اختلفوا في أن الكناية في قوله :(
وإخوانهم ) إلى ماذا تعود على قولين .
القول الأول : وهو الأظهر أن المعنى : وإخوان الشياطين يمدون الشياطين في الغي ، وذلك لأن شياطين الإنس إخوان لشياطين الجن ، فشياطين الإنس يغوون الناس ، فيكون ذلك إمدادا منهم لشياطين الجن على الإغواء والإضلال .
والقول الثاني : أن إخوان الشياطين هم الناس الذين ليسوا بمتقين ، فإن الشياطين يكونون مددا لهم فيه ، والقولان مبنيان على أن لكل كافر أخا من الشياطين .
المسألة الثانية : تفسير الإمداد تقوية تلك الوسوسة والإقامة عليها وشغل النفس عن الوقوف على قبائحها ومعايبها .
المسألة الثالثة : قرأ
نافع ( يمدونهم ) بضم الياء وكسر الميم من الإمداد ، والباقون ( يمدونهم ) بفتح الياء وضم الميم ، وهما لغتان مد يمد وأمد يمد ، وقيل مد معناه جذب ، وأمد معناه من الإمداد .
قال
الواحدي : عامة ما جاء في التنزيل مما يحمد ويستحب أمددت على أفعلت ، كقوله :(
أنما نمدهم به من مال وبنين ) [المؤمنون : 55] وقوله :(
وأمددناهم بفاكهة ) [الطور : 22] وقوله :(
أتمدونني بمال ) [النمل : 36] وما كان بخلافه فإنه يجيء على مددت قال :(
ويمدهم في طغيانهم يعمهون ) [البقرة : 15] فالوجه ههنا قراءة العامة وهي فتح الياء ، ومن ضم الياء استعمل ما هو الخير لضده كقوله :(
فبشرهم بعذاب أليم ) [آل عمران : 21] وقوله :(
ثم لا يقصرون ) قال
الليث : الإقصار الكف عن الشيء ، قال
أبو زيد : أقصر فلان عن الشر يقصر إقصارا إذا كف عنه وانتهى ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ثم لا يقصرون عن الضلال والإضلال ، أما الغاوي ففي الضلال وأما المغوي ففي الإضلال .