المسألة الرابعة : الذي استقر حكم التكليف عليه بمقتضى هذه الآية أن كل مسلم بالغ مكلف وقف بإزاء مشركين ، عبدا كان أو حرا فالهزيمة عليه محرمة ما دام معه سلاح يقاتل به ، فإن لم يبق معه سلاح فله أن ينهزم ،
وإن قاتله ثلاثة حلت له الهزيمة ، والصبر أحسن .
روى
الواحدي في "البسيط" أنه وقف جيش
مؤتة وهم ثلاثة آلاف وأمراؤهم على التعاقب
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة ثم
nindex.php?page=showalam&ids=315جعفر بن أبي طالب ثم
nindex.php?page=showalam&ids=82عبد الله بن رواحة في مقابلة مائتي ألف من المشركين ، مائة ألف من
الروم ومائة ألف من المستعربة وهم
لخم وجذام .
المسألة الخامسة : قوله :(
بإذن الله ) فيه بيان أنه لا تقع الغلبة إلا بإذن الله ، والإذن ههنا هو الإرادة ، وذلك يدل على قولنا في مسألة خلق الأفعال وإرادة الكائنات .
واعلم أنه تعالى ختم الآية بقوله :(
والله مع الصابرين ) والمراد ما ذكره في الآية الأولى من قوله :(
إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين ) [الأنفال : 65] فبين في آخر هذه الآية أن
الله مع الصابرين والمقصود أن العشرين لو صبروا ووقفوا فإن نصرتي معهم وتوفيقي مقارن لهم ، وذلك يدل على صحة مذهب
أبي مسلم وهو أن ذلك الحكم ما صار منسوخا بل هو ثابت كما كان ، فإن العشرين إن قدروا على مصابرة المائتين بقي ذلك الحكم ، وإن لم يقدروا على مصابرتهم فالحكم المذكور ههنا زائل .