ثم قال تعالى :(
وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ
حمزة والكسائي وحفص عن
عاصم (
إن صلاتك ) بغير واو وفتح التاء على التوحيد ، والمراد منه الجنس ، وكذلك في سورة هود(
أصلاتك تأمرك ) [ هود : 87 ] بغير واو وعلى التوحيد ، والباقون ( صلواتك ) ، وكذلك في هود على الجمع ، قال
أبو عبيدة : والقراءة الأولى أولى لأن الصلاة أكثر ; ألا ترى أنه قال :(
أقيموا الصلاة ) والصلوات جمع قلة ، تقول ثلاث صلوات وخمس صلوات ، قال
أبو حاتم : هذا غلط لأن بناء الصلوات ليس للقلة ؛ لأنه تعالى قال :(
ما نفدت كلمات الله ) [ لقمان : 27 ] ولم يرد القليل وقال :(
وهم في الغرفات آمنون ) ( سبأ : 27 ) وقال :(
إن المسلمين والمسلمات ) ( الأحزاب : 35 ) .
المسألة الثانية : احتج مانعو الزكاة في زمان
أبي بكر بهذه الآية ، وقالوا إنه تعالى أمر رسوله بأخذ الصدقات ، ثم أمره بأن يصلي عليهم وذكر أن صلاته سكن لهم ، فكان وجوب الزكاة مشروطا بحصول ذلك السكن ، ومعلوم أن غير الرسول لا يقوم مقامه في حصول ذلك السكن . فوجب أن لا يجب
دفع الزكاة إلى أحد غير الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، واعلم أنه ضعيف ؛ لأن سائر الآيات دلت على أن الزكاة إنما وجبت دفعا لحاجة الفقير ، كما في قوله :(
إنما الصدقات للفقراء ) ( التوبة : 60 ) وكما في قوله :(
وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ) ( الذاريات : 19 ) .