المسألة الثانية : في
المراد بساعة العسرة قولان :
القول الأول : أنها مختصة بغزوة
تبوك ، والمراد منها الزمان الذي صعب الأمر عليهم جدا في ذلك السفر ، والعسرة تعذر الأمر وصعوبته . قال
جابر : حصلت عسرة الظهر وعسرة الماء وعسرة الزاد . أما عسرة
[ ص: 171 ] الظهر : فقال
الحسن : كان العشرة من المسلمين يخرجون على بعير يعتقبونه بينهم ، وأما عسرة الزاد ، فربما مص التمرة الواحدة جماعة يتناوبونها حتى لا يبقى من التمرة إلا النواة ، وكان معهم شيء من شعير مسوس ، فكان أحدهم إذا وضع اللقمة في فيه أخذ أنفه من نتن اللقمة . وأما عسرة الماء : فقال
عمر : خرجنا في قيظ شديد وأصابنا فيه عطش شديد ، حتى إن الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه ويشربه .
واعلم أن هذه الغزوة تسمى غزوة العسرة ، ومن خرج فيها فهو جيش العسرة . وجهزهم
عثمان وغيره من الصحابة - رضي الله تعالى عنهم - .
والقول الثاني : قال
أبو مسلم : يجوز أن يكون المراد بساعة العسرة جميع الأحوال والأوقات الشديدة على الرسول وعلى المؤمنين ، فيدخل فيه غزوة الخندق وغيرها . وقد ذكر الله تعالى بعضها في كتابه كقوله تعالى :(
وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر ) ( الأحزاب : 10 ) وقوله :(
ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم ) ( آل عمران : 152 ) الآية ، والمقصود منه وصف
المهاجرين والأنصار بأنهم اتبعوا الرسول - عليه السلام - في الأوقات الشديدة والأحوال الصعبة ، وذلك يفيد نهاية المدح والتعظيم .