(
فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون )
قوله تعالى : (
فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون )
واعلم أن تعلق هذه الآية بما قبلها ظاهر ، وذلك لأنهم التمسوا منه قرآنا يذكره من عند نفسه ، ونسبوه إلى أنه إنما يأتي بهذا القرآن من عند نفسه ، ثم إنه أقام البرهان القاهر الظاهر على أن ذلك باطل ، وأن هذا
القرآن ليس إلا بوحي الله تعالى وتنزيله ، فعند هذا قال : (
فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ) والمراد أن هذا القرآن لو لم يكن من عند الله لما كان في الدنيا أحد أظلم على نفسه مني ، حيث افتريته على الله ، ولما أقمت الدلالة على أنه ليس الأمر كذلك ، بل هو بوحي من الله تعالى وجب أن يقال : إنه ليس في الدنيا أحد أجهل ولا أظلم على نفسه منكم ؛ لأنه لما ظهر بالبرهان المذكور كونه من عند الله ، فإذا أنكرتموه كنتم قد كذبتم بآيات الله ، فوجب أن تكونوا أظلم الناس . والحاصل أن قوله : (
فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ) المقصود منه نفي الكذب عن نفسه ، وقوله : (
أو كذب بآياته ) المقصود منه
إلحاق الوعيد الشديد بهم حيث أنكروا دلائل الله ، وكذبوا بآيات الله تعالى .
وأما قوله : (
إنه لا يفلح المجرمون ) فهو تأكيد لما سبق من هذين الكلامين . والله أعلم .