(
مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون )
قوله تعالى : (
مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون )
واعلم أنه تعالى لما ذكر الفريقين ذكر فيهما مثالا مطابقا ثم اختلفوا ، فقيل : إنه راجع إلى من ذكر آخرا من المؤمنين والكافرين من قبل ، وقال آخرون : بل رجع إلى قوله : (
أفمن كان على بينة من ربه ) [هود : 17] ثم ذكر من بعده الكافرين ووصفهم بأنهم لا يستطيعون السمع ولا يبصرون ، والسميع والبصير هم الذين وصفهم الله بأنهم على بينة من ربهم .
واعلم أن وجه التشبيه هو أنه سبحانه خلق الإنسان مركبا من الجسد ومن النفس ، وكما أن للجسد بصرا وسمعا فكذلك حصل لجوهر الروح سمع وبصر ، وكما أن الجسد إذا كان أعمى أصم بقي متحيرا لا
[ ص: 168 ] يهتدي إلى شيء من المصالح ، بل يكون كالتائه في حضيض الظلمات لا يبصر نورا يهتدي به ، ولا يسمع صوتا ، فكذلك
الجاهل الضال المضل ، يكون أعمى وأصم القلب ، فيبقى في ظلمات الضلالات حائرا تائها .
ثم قال تعالى : (
أفلا تذكرون ) منبها على أنه يمكنه علاج هذا العمى وهذا الصمم ، وإذا كان العلاج ممكنا من الضرر الحاصل بسبب حصول هذا العمى وهذا الصمم وجب على العاقل أن يسعى في ذلك العلاج بقدر الإمكان .
واعلم أنه قد جرت العادة بأنه تعالى إذا أورد على الكافر أنواع الدلائل أتبعها بالقصص ؛ ليصير ذكرها مؤكدا لتلك الدلائل على ما قررنا هذا المعنى في مواضع كثيرة ، وفي هذه السورة ذكر أنواعا من القصص :