المسألة السادسة : في أن
السماء أفضل أم الأرض ؟
قال بعضهم : السماء أفضل ؛ لوجوه :
أحدها : أن السماء متعبد الملائكة ، وما فيها بقعة عصى الله فيها أحد .
وثانيها : لما أتى
آدم - عليه السلام - في الجنة بتلك المعصية قيل له : اهبط من الجنة ، وقال الله تعالى : لا يسكن في جواري من عصاني .
وثالثها : قوله تعالى : (
وجعلنا السماء سقفا محفوظا ) [ الأنبياء : 32 ] ، وقوله : (
تبارك الذي جعل في السماء بروجا ) [ الفرقان : 61 ] ، ولم يذكر في الأرض مثل ذلك .
ورابعها : أن في أكثر الأمر ورد ذكر السماء مقدما على الأرض في الذكر .
وقال آخرون : بل الأرض أفضل ؛ لوجوه :
" أ " أنه تعالى وصف بقاعا من الأرض بالبركة بقوله : (
إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا ) [ آل عمران : 96 ] ، " ب " (
في البقعة المباركة من الشجرة ) [ القصص : 30 ] ، " ج " (
إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ) [ الإسراء : 1 ] ، " د " وصف أرض
الشام بالبركة فقال : (
مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها ) [ الأعراف : 137 ] .
وخامسها : وصف جملة الأرض بالبركة فقال : (
قل أئنكم لتكفرون ) [ فصلت : 9 ] ، إلى قوله : (
وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها ) [ فصلت : 10 ] . فإن قيل : وأي بركة في الفلوات الخالية والمفاوز المهلكة ؟ قلنا : إنها مساكن للوحوش ومرعاها ، ثم إنها مساكن للناس إذا احتاجوا إليها ، فلهذه البركات قال تعالى : (
وفي الأرض آيات للموقنين ) [ الذاريات : 20 ] ، وهذه الآيات وإن كانت حاصلة لغير الموقنين لكن لما لم ينتفع بها إلا الموقنون جعلها آيات للموقنين تشريفا لهم
[ ص: 98 ] كما قال : (
هدى للمتقين ) [ البقرة : 2 ] .
وسادسها : أنه سبحانه وتعالى خلق الأنبياء المكرمين من الأرض على ما قال : (
منها خلقناكم وفيها نعيدكم ) [ طه : 55 ] ، ولم يخلق من السماوات شيئا لأنه قال : (
وجعلنا السماء سقفا محفوظا ) [ الأنبياء : 32 ] .
وسابعها : أن الله تعالى أكرم نبيه بها فجعل الأرض كلها مساجد له وجعل ترابها طهورا .