القيد الثامن : قوله تعالى : (
وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ) وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : قال
الحسن : المراد الزكاة المفروضة ، فإن لم يتهم بترك أداء الزكاة ، فالأولى أداؤها سرا ، وإن اتهم بترك الزكاة فالأولى أداؤها في العلانية ، وقيل السر ما يؤديه بنفسه والعلانية ما يؤديه إلى الإمام ، وقال آخرون : بل المراد الزكاة الواجبة والصدقة التي يؤتى بها على صفة التطوع فقوله : (
سرا ) يرجع إلى التطوع وقوله : (
وعلانية ) يرجع إلى الزكاة الواجبة.
المسألة الثانية : قالت
المعتزلة : إنه تعالى رغب في الإنفاق من كل ما كان رزقا ، وذلك يدل على أنه لا رزق إلا الحلال ؛ إذ لو كان الحرام رزقا لكان قد رغب تعالى في إنفاق الحرام ، وإنه لا يجوز.
القيد التاسع : قوله : (
ويدرءون بالحسنة السيئة ) وفيه وجهان :
الأول : أنهم
إذا أتوا بمعصية درءوها ودفعوها بالتوبة ، كما روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013005أن النبي صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=showalam&ids=32لمعاذ بن جبل : "إذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة تمحها".
والثاني : أن المراد أنهم لا يقابلون الشر بالشر ، بل
يقابلون الشر بالخير ، كما قال تعالى : (
وإذا مروا باللغو مروا كراما ) [الفرقان : 72] وعن
ابن عمر رضي الله عنهما : ليس الوصول من وصل ، ثم وصل ، تلك المجازاة لكنه من قطع ثم وصل وعطف على من لم يصله ، وليس الحليم من ظلم ثم حلم حتى إذا هيجه قوم اهتاج ، لكن الحليم من قدر ثم عفا ، وعن
الحسن : هم الذين إذا حرموا أعطوا وإذا ظلموا عفوا ، ويروى أن
nindex.php?page=showalam&ids=16113شقيق بن إبراهيم البلخي دخل على
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك متنكرا ، فقال : من أين أنت؟ فقال : من بلخ ، فقال : وهل تعرف
شقيقا؟ قال : نعم ، فقال : كيف طريقة أصحابه؟ فقال :
إذا منعوا صبروا وإن أعطوا شكروا ، فقال
عبد الله : طريقة كلابنا هكذا ، فقال : وكيف ينبغي أن يكون؟ فقال : الكاملون هم الذين إذا منعوا شكروا وإذا أعطوا آثروا .