(
وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون ) .
قوله تعالى : (
وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون ) .
وفي الآية مسائل :
[ ص: 124 ] المسألة الأولى : اعلم أنه تعالى لما توعد من قبل من كذب الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : (
ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون ) أتبعه بما يؤكد الزجر وهو قوله تعالى : (
وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ) في الهلاك والعذاب ، وإنما يقع فيه التقديم والتأخير فالذين تقدموا كان وقت هلاكهم في الكتاب معجلا ، والذين تأخروا كان وقت هلاكهم في الكتاب مؤخرا وذلك نهاية في الزجر والتحذير .
المسألة الثانية : قال قوم : المراد بهذا الهلاك عذاب الاستئصال الذي كان الله ينزله بالمكذبين المعاندين كما بينه في
قوم نوح وقوم هود وغيرهم ، وقال آخرون : المراد بهذا الهلاك الموت . قال القاضي : والأقرب ما تقدم ، لأنه في الزجر أبلغ ، فبين تعالى أن هذا الإمهال لا ينبغي أن يغتر به العاقل لأن العذاب مدخر ، فإن
لكل أمة وقتا معينا في نزول العذاب لا يتقدم ولا يتأخر ، وقال قوم آخرون : المراد بهذا الهلاك مجموع الأمرين وهو نزول عذاب الاستئصال ونزول الموت ، لأن كل واحد منهما يشارك الآخر في كونه هلاكا ، فوجب حمل اللفظ على القدر المشترك الذي يدخل فيه القسمان معا .
المسألة الثالثة : قال
الفراء : لو لم تكن الواو مذكورة في قوله : (
ولها كتاب ) كان صوابا كما في آية أخرى وهي قوله : (
وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ) [ الشعراء : 208 ] وهو كما تقول : ما رأيت أحدا إلا وعليه ثياب وإن شئت قلت : إلا عليه ثياب .