(
إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين )
[ ص: 15 ] قوله تعالى : (
إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين )
اعلم أنه تعالى لما زيف فيما تقدم طريقة عبدة الأوثان والأصنام ، وبين فساد مذهبهم بالدلائل القاهرة قال : (
إلهكم إله واحد ) ثم ذكر تعالى ما لأجله أصر الكفار على القول بالشرك وإنكار التوحيد فقال : (
فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون ) والمعنى : أن الذين يؤمنون بالآخرة ويرغبون في الفوز بالثواب الدائم ، ويخافون الوقوع في العقاب الدائم إذا سمعوا الدلائل والترغيب والترهيب خافوا العقاب فتأملوا وتفكروا فيما يسمعونه ، فلا جرم ينتفعون بسماع الدلائل ، ويرجعون من الباطل إلى الحق ، أما
الذين لا يؤمنون بالآخرة وينكرونها فإنهم لا يرغبون في حصول الثواب ولا يرهبون من الوقوع في العقاب ، فيبقون منكرين لكل كلام يخالف قولهم ، ويستكبرون عن الرجوع إلى قول غيرهم ، فلا جرم يبقون مصرين على ما كانوا عليه من الجهل والضلال .
ثم قال تعالى : (
لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون ) والمعنى : أنه تعالى يعلم أن إصرارهم على هذه المذاهب الفاسدة ليس لأجل شبهة تصوروها أو إشكال تخيلوه ، بل ذلك لأجل التقليد والنفرة عن الرجوع إلى الحق والشغف بنصرة مذاهب الأسلاف والتكبر والنخوة . فلهذا قال : (
إنه لا يحب المستكبرين ) وهذا
الوعيد يتناول كل المتكبرين .