النوع الرابع : قوله تعالى : (
وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قال صاحب " الكشاف " : الفج الطريق الواسع ، فإن قلت في الفجاج معنى الوصف فما لها قدمت على السبل ولم تؤخر كما في قوله تعالى : (
لتسلكوا منها سبلا فجاجا ) [نوح : 20] قلت لم تقدم وهي صفة ، ولكنها جعلت حالا كقوله :
لعزة موحشا طلل قديم
والفرق من جهة المعنى أن قوله سبلا فجاجا ، إعلام بأنه سبحانه جعل فيها طرقا واسعة ، وأما قوله : (
فجاجا سبلا ) فهو إعلام بأنه سبحانه حين خلقها جعلها على تلك الصفة ، فهذه الآية بيان لما أبهم في الآية الأولى .
المسألة الثانية : في قوله (
فيها ) قولان : أحدهما : أنها عائدة إلى الجبال ، أي وجعلنا في الجبال التي هي رواسي فجاجا سبلا ، أي طرقا واسعة ، وهو قول مقاتل والضحاك ورواية عطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وعن ابن عمر قال : كانت الجبال منضمة فلما أغرق الله قوم نوح فرقها فجاجا وجعل فيها طرقا . الثاني : أنها عائدة إلى الأرض ، أي وجعلنا في الأرض فجاجا وهي المسالك والطرق وهو قول الكلبي .
المسألة الثالثة : قوله : (
لعلهم يهتدون ) معناه لكي يهتدوا إذ الشك لا يجوز على الله تعالى .
المسألة الرابعة : في يهتدون قولان : الأول : ليهتدوا إلى البلاد . والثاني : ليهتدوا إلى وحدانية الله تعالى بالاستدلال ، قالت
المعتزلة وهذا التأويل يدل على أنه تعالى أراد من جميع المكلفين الاهتداء . والكلام عليه قد تقدم ، وفيه قول ثالث وهو أن الاهتداء إلى البلاد والاهتداء إلى وحدانية الله تعالى يشتركان في مفهوم واحد وهو أصل الاهتداء فيحمل اللفظ على ذلك المشترك ، وحينئذ تكون الآية متناولة للأمرين ولا يلزم منه كون اللفظ المشترك مستعملا في مفهوميه معا .