(
إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والبادي ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم )
قوله تعالى : (
إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والبادي ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم )
اعلم أنه تعالى بعد أن فصل بين الكفار والمؤمنين ذكر
عظم حرمة البيت وعظم كفر هؤلاء فقال : (
إن الذين كفروا ) بما جاء به
محمد صلى الله عليه وسلم (
ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام ) وذلك بالمنع من الهجرة والجهاد لأنهم كانوا يأبون ذلك . وفيه إشكال وهو أنه
كيف عطف المستقبل وهو قوله : ( ويصدون عن سبيل الله ) على الماضي وهو قوله : (
كفروا ) والجواب عنه من وجهين :
الأول : أنه يقال : فلان يحسن إلى الفقراء ويعين الضعفاء لا يراد به حال ولا استقبال وإنما يراد استمرار وجود الإحسان منه في جميع أزمنته وأوقاته ، فكأنه قيل : إن الذين كفروا من شأنهم الصد عن سبيل الله ، ونظيره قوله : (
الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ) [ الرعد : 28 ] .
وثانيهما : قال
أبو علي الفارسي : التقدير : إن الذين كفروا فيما مضى وهم الآن يصدون ويدخل فيه أنهم يفعلون ذلك في الحال والمستقبل ، أما قوله : (
والمسجد الحرام ) يعني : ويصدوهم أيضا عن
المسجد الحرام ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت الآية في
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبي سفيان بن حرب وأصحابه حين صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام
الحديبية عن
المسجد الحرام عن أن يحجوا ويعتمروا وينحروا الهدي ، فكره
[ ص: 22 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم قتالهم وكان محرما بعمرة ثم صالحوه على أن يعود في العام القابل .