أما قوله تعالى : (
أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ
أهل المدينة والبصرة وعاصم في رواية
حفص " أذن " بضم الألف والباقون بفتحها أي : أذن الله لهم في القتال ، وقرأ
أهل المدينة وعاصم " يقاتلون " بنصب التاء ، وقرأ
ابن كثير وحمزة والكسائي " أذن " بنصب الألف ، " يقاتلون " بكسر التاء . قال
الفراء والزجاج : يعني أذن الله للذين يحرصون على قتال المشركين في المستقبل ، ومن قرأ بفتح التاء فالتقدير : أذن للذين يقاتلون في القتال .
المسألة الثانية : في الآية محذوف والتقدير : أذن للذين يقاتلون في القتال فحذف المأذون فيه لدلالة يقاتلون عليه .
أما قوله : (
بأنهم ظلموا ) فالمراد أنهم أذنوا في القتال بسبب كونهم مظلومين ، وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان مشركو
مكة يؤذونهم أذى شديدا ، وكانوا يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين مضروب ومشجوج يتظلمون إليه ، فيقول لهم : اصبروا ، فإني لم أؤمر بقتال حتى هاجر فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وهي
أول آية أذن فيها بالقتال بعد ما نهى عنه في نيف وسبعين آية ، وقيل : نزلت في قوم خرجوا مهاجرين فاعترضهم مشركو مكة فأذن في مقاتلتهم .
أما قوله : (
وإن الله على نصرهم لقدير ) فذلك وعد منه تعالى بنصرهم كما يقول المرء لغيره : إن أطعتني فأنا قادر على مجازاتك ، لا يعني بذلك القدرة بل يريد أنه سيفعل ذلك .