(
وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد [ ص: 43 ] وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهادي الذين آمنوا إلى صراط مستقيم ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم الملك يومئذ لله يحكم بينهم فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين ) .
قوله تعالى : (
وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهادي الذين آمنوا إلى صراط مستقيم ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم الملك يومئذ لله يحكم بينهم فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين ) .
أما قوله تعالى : (
وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : من الناس من قال : الرسول هو الذي حدث وأرسل ، والنبي هو الذي لم يرسل ، ولكنه ألهم أو رأى في النوم ، ومن الناس من قال : إن كل رسول نبي ، وليس كل نبي يكون رسولا ، وهو قول
الكلبي والفراء . وقالت
المعتزلة :
كل رسول نبي ، وكل نبي رسول ، ولا فرق بينهما . واحتجوا على فساد القول الأول بوجوه :
أحدها : هذه الآية فإنها دالة على أن النبي قد يكون مرسلا ، وكذا قوله تعالى : (
وما أرسلنا في قرية من نبي ) [ الأعراف : 94 ] ، وثانيها : أن الله تعالى خاطب
محمدا مرة بالنبي ومرة بالرسول ، فدل على أنه لا منافاة بين الأمرين ، وعلى القول الأول المنافاة حاصلة . وثالثها : أنه تعالى نص على أنه خاتم النبيين . ورابعها : أن اشتقاق لفظ النبي إما من النبأ وهو الخبر ، أو من قولهم نبأ إذا ارتفع ، والمعنيان لا يحصلان إلا بقبول الرسالة . أما القول الثاني : فاعلم أن شيئا من تلك الوجوه لا يبطله ، بل هذه الآية دالة عليه ؛ لأنه عطف النبي على الرسول ، وذلك يوجب المغايرة وهو من باب عطف العام على الخاص . وقال في موضع آخر : (
وكم أرسلنا من نبي في الأولين ) [ الزخرف : 6 ] وذلك يدل على أنه كان نبيا ، فجعله الله مرسلا وهو يدل على قولنا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013279وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم كم المرسلون ؟ فقال : ثلاثمائة وثلاثة عشر ، فقيل : وكم الأنبياء ؟ فقال : مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا الجم الغفير " إذا ثبت هذا فنقول : ذكروا في
الفرق بين الرسول والنبي أمورا :
أحدها : أن الرسول من الأنبياء من جمع إلى المعجزة الكتاب المنزل عليه ، والنبي غير الرسول من لم ينزل عليه كتاب ، وإنما أمر أن يدعو إلى كتاب من قبله .
والثاني : أن من كان صاحب المعجزة وصاحب الكتاب ونسخ شرع من قبله فهو الرسول ، ومن لم يكن مستجمعا لهذه الخصال فهو النبي غير الرسول ، وهؤلاء
[ ص: 44 ] يلزمهم أن لا يجعلوا
إسحاق ويعقوب وأيوب ويونس وهارون وداود وسليمان رسلا ؛ لأنهم ما جاءوا بكتاب ناسخ .
والثالث : أن من جاءه الملك ظاهرا وأمره بدعوة الخلق فهو الرسول ، ومن لم يكن كذلك بل رأى في النوم كونه رسولا ، أو أخبره أحد من الرسل بأنه رسول الله ، فهو النبي الذي لا يكون رسولا وهذا هو الأولى .