(
وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون )
قوله تعالى : (
وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون )
اعلم أنه سبحانه وتعالى لما زيف طريقة القوم أتبعه ببيان
صحة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: (
وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم ) لأن ما دل الدليل على صحته فهو في باب الاستقامة أبلغ من الطريق المستقيم (
وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ) أي: لعادلون عن هذا الطريق; لأن طريق الاستقامة واحدة وما يخالفه فكثير.
أما قوله تعالى : (
ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر ) ففيه وجوه.
أحدها: المراد ضرر الجوع وسائر مضار الدنيا.
وثانيها: المراد ضرر القتل والسبي.
وثالثها: أنه ضرر الآخرة وعذابها، فبين أنهم قد بلغوا في التمرد والعناد المبلغ الذي لا مرجع فيه إلى دار الدنيا، وأنهم (
ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ) [الأنعام: 28] لشدة لجاجهم فيما هم عليه من الكفر .
[ ص: 99 ]
أما قوله تعالى : (
للجوا في طغيانهم يعمهون ) فالمعنى لتمادوا في ضلالهم وهم متحيرون.