أما قوله تعالى : (
ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ) ففيه مسألتان :
المسألة الأولى : الرأفة الرقة والرحمة وقراءة العامة بسكون الهمزة ، وقرئ رأفة بفتح الهمزة ورآفة على فعالة .
المسألة الثانية : يحتمل أن يكون المراد أن لا تأخذكم رأفة بأن يعطل الحد أو ينقص منه ، والمعنى
لا تعطلوا حدود الله ، ولا تتركوا إقامتها للشفقة والرحمة ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، واختيار
الفراء والزجاج ، ويحتمل أن لا تأخذكم رأفة بأن يخفف الجلد ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب والحسن وقتادة ، ويحتمل كلا الأمرين والأول أولى لأن الذي تقدم ذكره الأمر بنفس الجلد ، ولم يذكر صفته ، فما يعقبه يجب أن يكون راجعا إليه وكفى برسول الله أسوة في ذلك حيث قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013355لو سرقت nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة بنت محمد لقطعت يدها " ونبه بقوله في دين الله على أن
الدين إذا أوجب أمرا لم يصح استعمال الرأفة في خلافه .
أما قوله تعالى : (
إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) فهو من باب التهييج والتهاب الغضب لله تعالى ولدينه . قال
الجبائي تقدير الآية : إن كنتم مؤمنين فلا تتركوا إقامة الحدود ، وهذا يدل على أن
الاشتغال بأداء الواجبات من الإيمان بخلاف ما تقوله
المرجئة ، والجواب : أن الرأفة لا تحصل إلا إذا حكم الإنسان بطبعه أن الأولى أن لا تقام تلك الحدود ، وحينئذ يكون منكرا للدين فيخرج عن الإيمان في الحديث "
يؤتى بوال نقص من الحد سوطا ، فيقال له لم فعلت ذاك ؟ فيقول رحمة لعبادك ، فيقال له أنت أرحم بهم مني ! فيؤمر به إلى النار ، ويؤتى بمن زاد سوطا فيقال له لم فعلت ذلك ؟ فيقول لينتهوا عن معاصيك ، فيقول أنت أحكم به مني! فيؤمر به إلى النار " .