أما قوله تعالى : (
وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : قوله تعالى : (
وليشهد عذابهما طائفة ) أمر وظاهره للوجوب ، لكن الفقهاء قالوا يستحب حضور الجمع والمقصود
إعلان إقامة الحد ، لما فيه من مزيد الردع ، ولما فيه من رفع التهمة عمن يجلد ، وقيل أراد بالطائفة الشهود لأنه يجب حضورهم ليعلم بقاؤهم على الشهادة .
المسألة الثانية : اختلفوا في
أقل الطائفة على أقوال : أحدها : أنه رجل واحد وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد . واحتجا بقوله تعالى : (
وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ) [ الحجرات : 9 ] وثانيها : أنه اثنان وهو قول
عكرمة وعطاء واحتجا بقوله تعالى : (
فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ) [ التوبة : 122 ] وكل ثلاثة فرقة والخارج من الثلاثة واحد أو اثنان ، والاحتياط يوجب الأخذ بالأكثر . وثالثها : أنه ثلاثة وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري وقتادة ، قالوا الطائفة هي الفرقة التي يمكن أن تكون حلقة ، كأنها الجماعة الحافة حول الشيء ، وهذه الصورة أقل ما لا بد في حصولها هو الثلاثة . ورابعها : أنه أربعة بعدد شهود الزنا ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي رضي الله عنهم وخامسها : أنه عشرة وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ، لأن العشرة هي العدد الكامل .
المسألة الثالثة : تسميته عذابا يدل على أنه عقوبة ، ويجوز أن يسمى عذابا لأنه يمنع المعاودة كما سمي نكالا لذلك ، ونبه تعالى بقوله : (
من المؤمنين ) على أن الذين يشهدون يجب أن يكونوا بهذا الوصف ،
[ ص: 131 ] لأنهم إذا كانوا كذلك عظم موقع حضورهم في الزجر ، وعظم موقع إخبارهم عما شاهدوا فيخاف المجلود من حضورهم الشهرة ، فيكون ذلك أقوى في الانزجار . والله أعلم .