البحث الثالث : في المرمي وهي المحصنة ، قال
أبو مسلم : اسم
الإحصان يقع على المتزوجة وعلى العفيفة وإن لم تتزوج ، لقوله تعالى في
مريم : (
والتي أحصنت فرجها ) [ الأنبياء : 91 ] وهو مأخوذ من منع الفرج ، فإذا تزوجت منعته إلا من زوجها ، وغير المتزوجة تمنعه كل أحد ، ويتفرع عليه مسائل :
المسألة الأولى : ظاهر الآية يتناول جميع العفائف سواء كانت مسلمة أو كافرة وسواء كانت حرة أو رقيقة ، إلا أن الفقهاء قالوا :
شرائط الإحصان خمسة: الإسلام والعقل والبلوغ والحرية والعفة من الزنا ، وإنما اعتبرنا الإسلام لقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012324من أشرك بالله فليس بمحصن وإنما اعتبرنا العقل والبلوغ لقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011440رفع القلم عن ثلاث وإنما اعتبرنا الحرية لأن العبد ناقص الدرجة فلا يعظم عليه التعيير بالزنا ، وإنما اعتبرنا العفة عن الزنا لأن الحد مشروع لتكذيب القاذف ، فإذا كان المقذوف زانيا فالقاذف صادق في القذف .
وكذلك إذا كان المقذوف وطئ امرأة بشبهة أو نكاح فاسد ، لأن فيه شبهة الزنا كما فيه شبهة الحل ، فكما أن إحدى الشبهتين أسقطت الحد عن الواطئ ، فكذا الأخرى تسقطه عن قاذفه أيضا ، ثم نقول : من
قذف كافرا أو مجنونا أو صبيا أو مملوكا ، أو من قد رمى امرأة ، فلا حد عليه ، بل يعزر للأذى ، حتى لو زنى في عنفوان شبابه مرة ، ثم تاب وحسن حاله وشاخ في الصلاح لا يحد قاذفه ، وكذلك لو
زنى كافر أو رقيق ثم أسلم وعتق وصلح حاله فقذفه قاذف لا حد عليه ، بخلاف ما لو
زنى في حال صغره أو جنونه ثم بلغ أو أفاق فقذفه [ ص: 137 ] قاذف يحد ، لأن فعل الصبي والمجنون لا يكون زنا ، ولو
قذف محصنا فقبل أن يحد القاذف زنا المقذوف سقط الحد عن قاذفه ; لأن صدور الزنا يورث ريبة في حاله فيما مضى لأن الله تعالى كريم لا يهتك ستر عبده في أول ما يرتكب المعصية ، فبظهوره يعلم أنه كان متصفا به من قبل ، روي أن رجلا زنى في عهد
عمر ، فقال والله ما زنيت إلا هذه ، فقال
عمر كذبت إن الله لا يفضح عبده في أول مرة ، وقال
المزني nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور : الزنا الطارئ لا يسقط الحد عن القاذف .