وأما قوله تعالى : (
إلا الذين تابوا ) فاعلم أنهم اختلفوا في أن
التوبة عن القذف كيف تكون ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : التوبة منه إكذابه نفسه ، واختلف أصحابه في معناه فقال
الإصطخري : يقول : كذبت فيما قلت فلا أعود لمثله ، وقال
أبو إسحاق : لا يقول كذبت لأنه ربما يكون صادقا فيكون قوله كذبت كذبا والكذب
[ ص: 143 ] معصية ، والإتيان بالمعصية لا يكون توبة عن معصية أخرى ، بل يقول القاذف باطلا : ندمت على ما قلت ورجعت عنه ولا أعود إليه .
أما قوله : (
وأصلحوا ) فقال أصحابنا إنه بعد التوبة لا بد من مضي مدة عليه في حسن الحال حتى تقبل شهادته وتعود ولايته ، ثم قدروا تلك المدة بسنة حتى تمر عليه الفصول الأربع التي تتغير فيها الأحوال والطباع كما يضرب للعنين أجل سنة ، وقد علق الشرع أحكاما بالسنة من الزكاة والجزية وغيرهما .
وأما قوله تعالى : (
فإن الله غفور رحيم ) فالمعنى أنه لكونه غفورا رحيما يقبل التوبة وهذا يدل على أن قبول التوبة غير واجب عقلا إذ لو كان واجبا لما كان في قبوله غفورا رحيما ، لأنه إذا كان واجبا فهو إنما يقبله خوفا وقهرا لعلمه بأنه لو لم يقبله لصار سفيها ، ولخرج عن حد الإلهية . أما إذا لم يكن واجبا فقبله . فهناك تتحقق الرحمة والإحسان وبالله التوفيق .