(
ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين ) .
قوله تعالى : (
ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين ) .
اعلم أنه سبحانه لما ذكر في هذه السورة هذه الأحكام
وصف القرآن بصفات ثلاثة :
أحدها : قوله : (
ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ) أي مفصلات ، وقرأ
ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص عن
عاصم "مبينات" بكسر الياء على معنى أنها تبين للناس كما قال : (
بلسان عربي مبين ) [الشعراء : 195] أو تكون من بين بمعنى تبين ، ومنه المثل : قد بين الصبح لذي عينين .
وثانيها : قوله : (
ومثلا من الذين خلوا من قبلكم ) وفيه وجهان :
أحدهما : أنه تعالى يريد بالمثل ما ذكر في التوراة والإنجيل من إقامة الحدود فأنزل في القرآن مثله ، وهو قول
الضحاك .
والثاني : قوله : (
ومثلا ) أي شبها من حالهم بحالكم في تكذيب الرسل ، يعني بينا لكم ما أحللنا بهم من العقاب لتمردهم على الله تعالى ، فجعلنا ذلك مثلا لكم لتعلموا أنكم إذا شاركتموهم في المعصية كنتم مثلهم في استحقاق العقاب ، وهو قول
مقاتل .
وثالثها : قوله : (
وموعظة للمتقين ) والمراد به
الوعيد والتحذير من فعل المعاصي ولا شبهة في أنه موعظة للكل ، لكنه تعالى خص المتقين بالذكر للعلة التي ذكرناها في قوله : (
هدى للمتقين ) [البقرة : 2] وههنا آخر الكلام في الأحكام .
القول في الإلهيات
اعلم أنه تعالى ذكر مثلين :
أحدهما : في بيان أن
دلائل الإيمان في غاية الظهور .
الثاني : في بيان أن
[ ص: 194 ] أديان الكفرة في نهاية الظلمة والخفاء .