المسألة الثامنة : اختلفوا في معنى
وصف الشجرة بأنها لا شرقية ولا غربية على وجوه :
أحدها : قال
الحسن : إنها شجرة الزيت من الجنة إذ لو كانت من شجر الدنيا لكانت إما شرقية أو غربية وهذا ضعيف لأنه تعالى إنما ضرب المثل بما شاهدوه وهم ما شاهدوا شجرة الجنة .
وثانيها : أن المراد شجرة الزيتون في
الشام لأن
الشام وسط الدنيا فلا يوصف شجرها بأنها شرقية أو غربية ، وهذا أيضا ضعيف لأن من قال : الأرض كرة لم يثبت المشرق والمغرب موضعين معينين بل لكل بلد مشرق ومغرب على حدة ، ولأن المثل مضروب لكل من يعرف الزيت ، وقد يوجد في غير
الشام كوجوده فيها .
وثالثها : أنها شجرة تلتف بها الأشجار فلا تصيبها الشمس في شرق ولا غرب ، ومنهم من قال هي شجرة يلتف بها ورقها التفافا شديدا فلا تصل الشمس إليها سواء كانت الشمس شرقية أو غربية ، وليس في الشجر ما يورق غصنه من أوله إلى آخره مثل الزيتون والرمان ، وهذا أيضا ضعيف لأن الغرض صفاء الزيت وذلك لا يحصل إلا بكمال نضج الزيتون ، وذلك إنما يحصل في العادة بوصول أثر الشمس إليه لا بعدم وصوله .
ورابعها : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : المراد الشجرة التي تبرز على جبل عال أو صحراء واسعة فتطلع الشمس عليها
[ ص: 207 ] حالتي الطلوع والغروب ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير وقتادة واختيار
الفراء والزجاج ، قالا : ومعناه لا شرقية وحدها ولا غربية وحدها ولكنها شرقية وغربية وهو كما يقال فلان لا مسافر ولا مقيم إذا كان يسافر ويقيم ، وهذا القول هو المختار لأن الشجرة متى كانت كذلك كان زيتها في نهاية الصفاء ، وحينئذ يكون مقصود التمثيل أكمل وأتم .
وخامسها :
المشكاة صدر محمد صلى الله عليه وسلم والزجاجة قلبه ، والمصباح ما في قلبه صلى الله عليه وسلم من الدين ، توقد من شجرة مباركة ، يعني (
ملة أبيكم إبراهيم ) [الحج : 78] صلوات الله عليه ؛ فالشجرة هي
إبراهيم عليه السلام ، ثم وصف
إبراهيم فقال : لا شرقية ولا غربية أي لم يكن يصلي قبل المشرق ولا قبل المغرب
كاليهود والنصارى بل كان عليه الصلاة والسلام يصلي إلى
الكعبة .