أما قوله تعالى : (
وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : هذا جواب عن قولهم : (
مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ) [الفرقان : 7] بين الله تعالى أن هذه
عادة مستمرة من الله في كل رسله ، فلا وجه لهذا الطعن .
المسألة الثانية : حق الكلام أن يقال : " ألا أنهم " بفتح الألف ؛ لأنه متوسط ، والمكسورة لا تليق إلا بالابتداء ، فلأجل هذا ذكروا وجوها :
أحدها : قال
الزجاج : الجملة بعد ( إلا ) صفة لموصوف محذوف ، والمعنى : وما أرسلنا قبلك أحدا من المرسلين إلا آكلين وماشين ، وإنما حذف لأن في قوله : (
من المرسلين ) دليلا عليه ، ونظيره قوله تعالى : (
وما منا إلا له مقام معلوم ) [الصافات : 164] على معنى : وما منا أحد .
وثانيها : قال
الفراء : إنه صلة لاسم متروك اكتفي بقوله : (
من المرسلين ) عنه ، والمعنى : إلا من أنهم ؛ كقوله : (
وما منا إلا له مقام معلوم ) أي من له مقام معلوم ، وكذلك قوله : (
وإن منكم إلا واردها ) [مريم : 71] أي إلا من يردها ، فعلى قول
الزجاج : الموصوف محذوف ، وعلى قول
الفراء : الموصول هو المحذوف . ولا يجوز حذف الموصول وتبقية الصلة عند البصريين .
وثالثها : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : تكسر إن بعد الاستثناء بإضمار واو ، على تقدير إلا وإنهم .
رابعها : قال بعضهم : المعنى إلا قيل : إنهم .
المسألة الثالثة : قرئ : " يمشون " على البناء للمفعول ؛ أي يمشيهم حوائجهم أو الناس ، ولو قرئ : " يمشون " لكان أوجه لولا الرواية .