الصفة الثالثة : قوله : (
وكان يوما على الكافرين عسيرا ) فالمعنى ظاهر ؛ لأنه تعالى عالم بالأحوال ، قادر على كل ما يريده ، وأما غيره فالكل في ربقة العجز ولجام القهر ، فكان في نهاية العسر على الكافر .
الصفة الرابعة : قوله : (
ويوم يعض الظالم على يديه ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : الألف واللام في " الظالم " فيه قولان :
أحدهما : أنه للعموم ، والثاني : أنه للمعهود ، والقائلون بالمعهود على قولين :
الأول :
قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : المراد عقبة بن أبي معيط بن أمية بن عبد شمس ، كان لا يقدم من مقر إلا صنع طعاما يدعو إليه جيرته من أهل مكة ، ويكثر مجالسة الرسول ويعجبه حديثه ، فصنع طعاما ودعا الرسول ، فقال صلى الله عليه وسلم : ما آكل من طعامك حتى تأتي بالشهادتين . ففعل ، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم من طعامه ، فبلغ أمية بن خلف فقال : صبوت يا عقبة . وكان خليله ، فقال : إنما ذكرت ذلك ليأكل من طعامي . فقال : لا أرضى أبدا حتى تأتيه فتبزق في وجهه وتطأ على عنقه . ففعل ، فقال عليه السلام : لا ألقاك خارجا من مكة إلا علوت رأسك بالسيف . فنزل ( ويوم يعض الظالم على يديه ) ندامة ، يعني عقبة يقول : يا ليتني لم أتخذ أمية خليلا ؛ لقد أضلني عن الذكر . أي صرفني عن الذكر ، وهو القرآن والإيمان بعد إذ جاءني مع محمد صلى الله عليه وسلم . فأسر عقبة يوم بدر فقتل صبرا ولم يقتل يومئذ من الأسارى غيره وغير النضر بن الحارث .
الثاني : قالت
الرافضة : هذا الظالم هو رجل بعينه ، وإن المسلمين غيروا اسمه وكتموه ، وجعلوا فلانا بدلا من اسمه ، وذكروا فاضلين من أصحاب رسول الله ، واعلم أن إجراء اللفظ على العموم ليس لنفس اللفظ ؛ لأنا بينا في أصول الفقه أن
الألف واللام إذا دخل على الاسم المفرد لا يفيد العموم ، بل إنما يفيده للقرينة من حيث إن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بعلية الوصف ، فدل ذلك على أن المؤثر في العض على اليدين كونه ظالما ، وحينئذ يعم الحكم لعموم علته ، وهذا القول أولى من التخصيص بصورة واحدة ؛ لأن هذا الذي ذكرناه يقتضي العموم ، ونزوله في واقعة أخرى خاصة لا ينافي أن يكون المراد هو العموم حتى يدخل فيه تلك الصورة وغيرها ، ولأن المقصود من الآية زجر الكل عن الظلم ، وذلك لا يحصل إلا بالعموم ، وأما قول
الرافضة فذلك لا يتم إلا بالطعن في القرآن وإثبات أنه غير وبدل ، ولا نزاع في أنه كفر .