السؤال الرابع : ما الأناسي ؟ الجواب : قال
الفراء والزجاج : الإنسي والأناسي كالكرسي والكراسي ، ولم يقل كثيرين ؛ لأنه قد جاء فعيل مفردا ويراد به الكثرة ؛ كقوله : (
وقرونا بين ذلك كثيرا ) [الفرقان : 38] (
وحسن أولئك رفيقا ) [النساء : 69] .
واعلم أن الفقهاء قد استنبطوا أحكام المياه من قوله تعالى : (
وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) ونحن نشير إلى معاقد تلك المسائل فنقول : ههنا نظران :
أحدهما : أن الماء مطهر .
والثاني : أن غير الماء هل هو مطهر أم لا ؟
النظر الأول : أن نقول : الماء إما أن لا يتغير أو يتغير . القسم الأول وهو الذي لا يتغير فهو طاهر في ذاته مطهر لغيره إلا
الماء المستعمل فإنه عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي طاهر وليس بمطهر ، وقال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري : يجوز الوضوء به ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة في رواية
أبي يوسف : إنه نجس . فههنا مسائل :
المسألة الأولى : في بيان أنه ليس بمطهر ، ودليلنا قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013502لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب ، ولو بقي الماء كما كان طاهرا مطهرا لما كان للمنع منه معنى ، ومن وجه القياس أن الصحابة كانوا يتوضئون في الأسفار وما كانوا يجمعون تلك المياه ، مع علمهم باحتياجهم بعد ذلك إلى الماء ، ولو كان ذلك الماء مطهرا لحملوه ليوم الحاجة ، واحتج
مالك بالآية والخبر والقياس . أما الآية فمن وجهين :
الأول : قوله تعالى : (
وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) ، وقوله : (
وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ) [ الأنفال : 11] فدلت الآية على حصول وصف المطهرية للماء ، والأصل في الثابت بقاؤه ، فوجب الحكم ببقاء هذه الصفة للماء بعد صيرورته مستعملا ، وأيضا قوله : (
طهورا ) يقتضي جواز التطهر به مرة بعد أخرى .
والثاني : أنه أمر بالغسل مطلقا في قوله : (
فاغسلوا ) [المائدة : 6] واستعمال كل المائعات غسل ؛ لأنه لا معنى للغسل إلا إمرار الماء على العضو ، قال الشاعر :
فيا حسنها إذ يغسل الدمع كحلها
فمن
اغتسل بالماء المستعمل فقد أتى بالغسل ، فوجب أن يكون مجزئا له ؛ لأنه أتى بما أمر به ، فوجب أن يخرج عن العهدة ، وأما السنة فما روي أنه عليه السلام
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013503توضأ فمسح رأسه بفضل ما في يده ، وعنه عليه السلام :
أنه توضأ فأخذ من بلل لحيته فمسح به رأسه ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013505اغتسل فرأى لمعة في جسده لم يصبها الماء ، فأخذ شعرة عليها بلل فأمرها على تلك اللمعة . وأما القياس فإنه ماء طاهر لقي
[ ص: 81 ] جسدا طاهرا ، فأشبه ما إذا لقي حجارة أو حديدا ، وكذا الماء المستعمل في الكرة الرابعة والمستعمل في التبرد والتنظيف ، ولأنه لا خلاف أنه إذا وضع الماء على أعلى وجهه وسقط به فرض ذلك الموضع ثم نزل ذلك الماء بعينه إلى بقية الوجه فإنه يجزيه ، مع أن ذلك الماء صار مستعملا في أعلى الوجه .