المسألة الخامسة : قالت
المعتزلة : الآية دلت على بطلان قول من
نسب المعاصي إلى الله تعالى ؛ لأنه عليه السلام قال : (
هذا من عمل الشيطان ) فنسب المعصية إلى الشيطان ، فلو كانت بخلق الله تعالى لكانت من الله لا من الشيطان ، وهو كقول
يوسف عليه السلام : (
من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي ) ( يوسف : 100 ) وقول صاحب
موسى عليه السلام : (
وما أنسانيه إلا الشيطان ) ( الكهف : 63 ) .
أما قوله : (
رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين ) ففيه وجوه :
أحدها : أن ظاهره يدل على أنه قال : إنك لما أنعمت علي بهذا الإنعام ، فإني لا أكون معاونا لأحد من المجرمين ، بل أكون معاونا للمسلمين ، وهذا يدل على أن ما أقدم عليه من إعانة الإسرائيلي على القبطي كان طاعة لا معصية ، إذ لو كانت معصية ، لنزل الكلام منزلة ما إذا قيل : إنك لما أنعمت علي بقبول توبتي عن تلك المعصية ، فإني أكون مواظبا على مثل تلك المعصية .
وثانيها : قال
القفال : كأنه أقسم بما أنعم الله عليه أن لا يظاهر مجرما ، والباء للقسم أي
[ ص: 202 ] بنعمتك علي .
وثالثها : قال
الكسائي والفراء : إنه خبر ومعناه الدعاء ، كأنه قال : فلا تجعلني ظهيرا ، قال
الفراء ، وفي حرف
عبد الله : ( فلا تجعلني ظهيرا ) . واعلم أن في الآية دلالة على أنه لا يجوز معاونة الظلمة والفسقة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لم يستثن ولم يقل : فلن أكون ظهيرا إن شاء الله ، فابتلي به في اليوم الثاني ، وهذا ضعيف ؛ لأنه في اليوم الثاني ترك الإعانة ، وإنما خاف منه ذلك العدو ، فقال : (
إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض ) ( القصص : 19 ) لا أنه وقع منه .