(
ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون )
[ ص: 12 ] قوله تعالى : (
ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون )
اعلم أنه سبحانه لما هجن طريقة المشركين أولا ثم ذكر التوحيد ودلائله ثانيا ، عاد إلى تهجين طريقتهم مرة أخرى
وشرح حالهم في الآخرة فقال : (
ويوم يناديهم ) أي يوم القيامة فيقول : (
أين شركائي الذين كنتم تزعمون ) والمعنى : أين الذين ادعيتم إلهيتهم لتخلصكم ، أو أين قولكم تقربنا إلى الله زلفى وقد علموا أن لا إله إلا الله ، فيكون ذلك زائدا في غمهم إذا خوطبوا بهذا القول .
أما قوله : (
ونزعنا من كل أمة شهيدا ) فالمراد ميزنا واحدا ليشهد عليهم ، ثم قال بعضهم هم
الأنبياء يشهدون بأنهم بلغوا القوم الدلائل ، وبلغوا في إيضاحها كل غاية ؛ ليعلم أن التقصير منهم فيكون ذلك زائدا في غمهم ، وقال آخرون بل هم الشهداء الذين يشهدون على الناس في كل زمان ، ويدخل في جملتهم الأنبياء وهذا أقرب ؛ لأنه تعالى عم كل أمة وكل جماعة بأن ينزع منهم الشهيد فيدخل فيه الأحوال التي لم يوجد فيها النبي وهي أزمنة الفترات ، والأزمنة التي حصلت بعد
محمد -صلى الله عليه وسلم- فعلموا حينئذ أن الحق لله ولرسله (
وضل عنهم ) غاب عنهم غيبة الشيء الضائع (
ما كانوا يفترون ) من الباطل والكذب .