(
وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم ) .
ثم قال تعالى : (
وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم ) .
أي يشتري الحديث الباطل ، والحق الصراح يأتيه مجانا يعرض عنه ، وإذا نظرت فيه فهمت حسن هذا الكلام من حيث إن المشتري يطلب المشترى مع أنه يطلبه ببذل الثمن ، ومن يأتيه الشيء لا يطلبه ولا يبذل شيئا ، ثم إن
الواجب أن يطلب العاقل الحكمة بأي شيء يجده ويشتريها ، وهم ما كانوا يطلبونها ، وإذا جاءتهم مجانا ما كانوا يسمعونها ، ثم إن فيه أيضا مراتب .
الأولى : التولية عن الحكمة وهو قبيح .
والثاني : الاستكبار ، ومن يشتري حكاية
رستم وبهرام ويحتاج إليها كيف يكون مستغنيا عن الحكمة حتى يستكبر عنها ؟ وإنما يستكبر الشخص عن الكلام ، وإذا كان يقول أنا أقول مثله ، فمن لا يقدر يصنع مثل تلك الحكايات الباطلة كيف يستكبر على الحكمة البالغة التي من عند الله ؟
الثالث : قوله تعالى : (
كأن لم يسمعها ) شغل المتكبر الذي لا يلتفت إلى الكلام ويجعل نفسه كأنها غافلة .
الرابع : قوله : (
كأن في أذنيه وقرا ) أدخل في الإعراض . ثم قال تعالى : (
فبشره بعذاب أليم ) أي له عذاب مهين فبشره أنت به وأوعده ، أو يقال إذا كان حاله هذا : (
فبشره بعذاب أليم ) .