(
ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون )
ثم قال تعالى : (
ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون )
لما ذكر أنهم يرجعون إلى ربهم بين ما يكون عند الرجوع على سبيل الإجمال بقوله : (
ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم ) يعني لو ترى حالهم وتشاهد استخجالهم لترى عجبا ، وقوله : (
ترى ) يحتمل أن يكون خطابا مع الرسول صلى الله عليه وسلم تشفيا لصدره ، فإنهم كانوا يؤذونه بالتكذيب ، ويحتمل أن يكون عاما مع كل أحد كما يقول القائل : إن فلانا كريم ، إن خدمته ولو لحظة يحسن إليك طول عمرك ولا يريد به خاصا .
وقوله : (
عند ربهم )
[ ص: 155 ] لبيان شدة الخجالة ؛ لأن الرب إذا أساء إليه المربوب ، ثم وقف بين يديه يكون في غاية الخجالة .
ثم قال تعالى : (
ربنا أبصرنا وسمعنا ) يعني يقولون أو قائلين : (
ربنا أبصرنا ) وحذف “ يقولون “ إشارة إلى غاية خجالتهم لأن الخجل العظيم الخجالة لا يتكلم ، وقوله : (
ربنا أبصرنا وسمعنا ) أي أبصرنا الحشر وسمعنا قول الرسول فارجعنا إلى دار الدنيا لنعمل صالحا ، وقولهم : (
إنا موقنون ) معناه إنا في الحال آمنا ، ولكن النافع الإيمان والعمل الصالح ، ولكن العمل الصالح لا يكون إلا عند التكليف به وهو في الدنيا فارجعنا للعمل ، وهذا باطل منهم فإن
الإيمان لا يقبل في الآخرة كالعمل الصالح . أو نقول المراد منه أنهم ينكرون الشرك كما قالوا : (
ما كنا مشركين ) فقالوا : إن هذا الذي جرى علينا ما جرى إلا بسبب ترك العمل الصالح ، وأما الإيمان فإنا موقنون وما أشركنا .