لما بين حال المنافقين ذكر حال المؤمنين وهو أنهم قالوا هذا ما وعدنا الله من الابتلاء ثم قالوا : ( وصدق الله ورسوله ) في مقابلة قولهم : ( ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا ) . وقولهم : ( وصدق الله ورسوله ) ليس إشارة إلى ما وقع فإنهم كانوا يعرفون صدق الله قبل الوقوع وإنما هي إشارة إلى بشارة وهو أنهم قالوا : ( هذا ما وعدنا الله ) وقد وقع وصدق الله في جميع ما وعد فيقع الكل مثل فتح مكة وفتح الروم وفارس ، وقوله : ( وما زادهم إلا إيمانا ) بوقوعه وتسليما عند وجوده .
وقوله : ( إن شاء ) ذلك فيمنعهم من الإيمان أو يتوب عليهم إن أراد ، وإنما قال ذلك حيث لم يكن قد حصل يأس النبي عليه الصلاة والسلام عن إيمانهم ، وآمن بعد ذلك ناس منهم . وقوله : ( إن الله كان غفورا ) حيث ستر ذنوبهم ، و ( رحيما ) حيث رحمهم ورزقهم الإيمان فيكون هذا فيمن آمن بعده أو نقول : ( ويعذب المنافقين ) مع أنه كان غفورا رحيما لكثرة ذنبهم وقوة جرمهم ولو كان دون ذلك لغفر لهم ، ثم بين بعض ما جازاهم الله به على صدقهم فقال : ( ورد الله الذين كفروا بغيظهم ) أي مع غيظهم لم يشفوا صدرا ولم يحققوا أمرا ( وكفى الله المؤمنين القتال ) أي لم يحوجهم إلى قتال : ( وكان الله قويا ) غير محتاج إلى قتالهم عزيزا قادرا على استئصال الكفار وإذلالهم .