(
ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما )
[ ص: 191 ] ثم قال تعالى : (
ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ) .
لما بين أنه أحل له ما ذكرنا من الأزواج بين أنه
أحل له وجوه المعاشرة بهن حتى يجتمع كيف يشاء ولا يجب عليه القسم ، وذلك لأن النبي عليه السلام بالنسبة إلى أمته نسبة السيد المطاع ، والرجل وإن لم يكن نبيا فالزوجة في ملك نكاحه والنكاح عليها رق ، فكيف زوجات النبي عليه السلام بالنسبة إليه ، فإذن هن كالمملوكات له ولا يجب
القسم بين المملوكات ، والإرجاء التأخير والإيواء الضم . (
ومن ابتغيت ممن عزلت ) يعني إذا طلبت من كنت تركتها فلا جناح عليك في شيء من ذلك ، ومن قال بأن القسم كان واجبا مع أنه ضعيف بالنسبة إلى المفهوم من الآية قال المراد : (
ترجي من تشاء ) أي تؤخرهن إذا شئت إذ لا يجب القسم في الأول وللزوج أن لا ينام عند أحد منهن ، وإن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك فابدأ بمن شئت وتمم الدور ، والأول أقوى .
ثم قال تعالى : (
ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن ) .
يعني إذا لم يجب عليك القسم وأنت لا تترك القسم (
تقر أعينهن ) لتسويتك بينهن ولا يحزن بخلاف ما لو وجب عليك ذلك ، فليلة تكون عند إحداهن تقول : ما جاءني لهوى قلبه إنما جاءني لأمر الله وإيجابه عليه . (
ويرضين بما آتيتهن ) من الإرجاء والإيواء إذ ليس لهن عليك شيء حتى لا يرضين .
ثم قال تعالى : (
والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما ) .
أي إن أضمرن خلاف ما أظهرن
فالله يعلم ضمائر القلوب فإنه عليم ، فإن لم يعاتبهن في الحال فلا يغتررن فإنه حليم لا يعجل .