(
ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا )
ثم قال تعالى : (
ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا )
أي في ذلك القليل الذي يجاورونك فيه يكونون ملعونين مطرودين من باب الله وبابك وإذا خرجوا لا ينفكون عن المذلة ، ولا يجدون ملجأ بل أينما يكونون يطلبون ويؤخذون ويقتلون .
(
سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ) .
يعني هذا ليس بدعا بكم بل هو سنة جارية وعادة مستمرة تفعل بالمكذبين (
ولن تجد لسنة الله تبديلا ) أي ليست هذه السنة مثل الحكم الذي يبدل وينسخ فإن
النسخ يكون في الأحكام ، أما الأفعال والأخبار فلا تنسخ .
[ ص: 200 ]
ثم قال تعالى : (
يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله )
لما بين حالهم في الدنيا أنهم يلعنون ويهانون ويقتلون أراد أن يبين حالهم في الآخرة فذكرهم بالقيامة وذكر ما يكون لهم فيها فقال : (
يسألك الناس عن الساعة ) أي عن
وقت القيامة (
قل إنما علمها عند الله ) لا يتبين لكم ، فإن الله أخفاها لحكمة هي امتناع المكلف عن الاجتراء ، وخوفهم منها في كل وقت .
ثم قال تعالى : (
وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا ) إشارة إلى التخويف ، وذلك لأن قول القائل : الله يعلم متى يكون الأمر الفلاني ينبئ عن إبطاء الأمر ، ألا ترى أن من يطالب مديونا بحقه فإن استمهله شهرا أو شهرين ربما يصبر ذلك ، وإن قال له اصبر إلى أن يقدم فلان من سفره يقول : الله يعلم متى يجيء فلان ، ويمكن أن يكون مجيء فلان قبل انقضاء تلك المدة فقال ههنا : (
وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا ) يعني هي في علم الله فلا تستبطئوها فربما تقع عن قريب ، والقريب فعيل يستوي فيه المذكر والمؤنث ، قال تعالى : (
إن رحمة الله قريب من المحسنين ) [ الأعراف : 56 ] ولهذا لم يقل لعل الساعة تكون قريبة .