(
يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور )
ثم بين الله تعالى كما أخبره بقوله : (
يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور ) .
ما يلج في الأرض من الحبة والأموات ويخرج منها من السنابل والأحياء
وما ينزل من السماء من أنواع رحمته منها المطر ومنها الملائكة ومنها القرآن ، وما يعرج فيها منها الكلم الطيب لقوله تعالى : (
إليه يصعد الكلم الطيب ) ومنها الأرواح ومنها الأعمال الصالحة لقوله : (
والعمل الصالح يرفعه ) [ فاطر : 10 ] وفيه مسائل :
[ ص: 208 ]
المسألة الأولى : قدم ما يلج في الأرض على ما ينزل من السماء ؛ لأن الحبة تبذر أولا ثم تسقى ثانيا .
المسألة الثانية : قال : وما يعرج فيها ولم يقل : يعرج إليها إشارة إلى
قبول الأعمال الصالحة ومرتبة النفوس الزكية وهذا لأن كلمة "إلى" للغاية ، فلو قال وما يعرج إليها لفهم الوقوف عند السماوات فقال : (
وما يعرج فيها ) ليفهم نفوذها فيها وصعودها منها ولهذا قال في الكلم الطيب : (
إليه يصعد الكلم الطيب ) لأن الله هو المنتهى ولا مرتبة فوق الوصول إليه ، وأما السماء فهي دنيا وفوقها المنتهى .
المسألة الثالثة : قال : (
وهو الرحيم الغفور ) رحيم بالإنزال حيث ينزل الرزق من السماء ، غفور عندما تعرج إليه الأرواح والأعمال فرحم أولا بالإنزال وغفر ثانيا عند العروج .