(
فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين ) .
وقوله تعالى : (
فلا صريخ لهم ) أي لا مغيث لهم يمنع عنهم الغرق .
وقوله تعالى : (
ولا هم ينقذون ) إذا أدركهم الغرق ؛ وذلك لأن
الخلاص من العذاب ، إما أن يكون بدفع العذاب من أصله أو برفعه بعد وقوعه ، فقال : لا صريخ لهم يدفع ، ولا هم ينقذون بعد الوقوع فيه ، وهذا مثل قوله تعالى : (
لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون ) .
فقوله : (
فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون ) فيه فائدة أخرى غير الحصر ، وهي أنه تعالى قال : لا صريخ ، ولم يقل : ولا منقذ لهم ؛ وذلك لأن من لا يكون من شأنه أن ينصر لا يشرع في النصر مخافة أن يغلب ويذهب ماء وجهه ، وإنما ينصر ويغيث من يكون من شأنه أن يغيث ، فقال : لا صريخ لهم ، وأما من لا يكون من شأنه أن ينقذ إذا رأى من يعز عليه في ضر يشرع في الإنقاذ ، وإن لم يثق بنفسه في الإنقاذ ولا يغلب على ظنه . وإنما يبذل المجهود ، فقال : (
ولا هم ينقذون ) ولم يقل : ولا منقذ لهم .
ثم استثنى فقال : (
إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين ) وهو يفيد أمرين :
أحدهما :
انقسام الإنقاذ إلى قسمين : الرحمة والمتاع ، أي فيمن علم الله منه أنه يؤمن فينقذه الله رحمة ، وفيمن علم أنه لا يؤمن فليتمتع زمانا ويزداد إثما .
وثانيهما : أنه بيان لكون الإنقاذ غير مفيد للدوام ، بل الزوال في الدنيا لا بد منه ، فينقذه الله رحمة ويمتعه إلى حين ثم يميته ، فالزوال لازم أن يقع .