(
ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد )
وقوله تعالى : (
ولقد خلقنا الإنسان ) فيه وجهان :
أحدهما : أن يكون ابتداء استدلال بخلق الإنسان ، وهذا على قولنا : (
أفعيينا بالخلق الأول ) معناه خلق السماوات ، وثانيهما : أن يكون تتميم بيان خلق الإنسان ، وعلى هذا قولنا : الخلق الأول هو خلق الإنسان أول مرة ، ويحتمل أن يقال : هو تنبيه على أمر يوجب عودهم عن مقالهم ، وبيانه أنه تعالى لما قال : (
ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ) كان ذلك إشارة إلى أنه لا يخفى عليه خافية ويعلم ذوات صدورهم .
وقوله : (
ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) .
بيان لكمال علمه ، والوريد العرق الذي هو مجرى الدم يجري فيه ويصل إلى كل جزء من أجزاء البدن ، والله أقرب من ذلك بعلمه ؛ لأن العرق تحجبه أجزاء اللحم ويخفى عنه ،
وعلم الله تعالى لا يحجب عنه شيء ، ويحتمل أن يقال : (
ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) بتفرد قدرتنا فيه يجري فيه أمرنا كما يجري الدم في عروقه .