(
إنما توعدون لصادق وإن الدين لواقع ) .
ثم قال تعالى : (
إنما توعدون لصادق ) " ما " يحتمل أن يكون مصدرية معناه الإيعاد صادق وأن تكون موصولة أي
الذي توعدون صادق ، والصادق معناه ذو صدق كعيشة راضية
ووصف المصدر بما يوصف به الفاعل بالمصدر فيه إفادة مبالغة ، فكما أن من قال فلان لطف محض وحلم يجب أن يكون قد بالغ كذلك من قال : كلام صادق وبرهان قاهر للخصم أو غير ذلك يكون قد بالغ ، والوجه فيه هو أنه إذا قال هو لطف بدل قوله لطيف فكأنه قال اللطيف شيء له لطف ففي اللطيف لطف وشيء آخر ، فأراد أن يبين كثرة اللطف فجعله كله لطفا ، وفي الثاني لما كان الصدق يقوم بالمتكلم بسبب كلامه ، فكأنه قال هذا الكلام لا يحوج إلى شيء آخر حتى يصح إطلاق الصادق عليه ، بل هو كاف في إطلاق الصادق لكونه سببا قويا . وقوله تعالى : (
توعدون ) يحتمل أن يكون من وعد ، ويحتمل أن يكون من أوعد ، والثاني هو الحق لأن اليمين مع المنكر بوعيد لا بوعد .
وقوله تعالى : (
وإن الدين لواقع ) أي
الجزاء كائن ، وعلى هذا فالإيعاد بالحشر في الموعد هو الحساب والجزاء هو العقاب ، فكأنه تعالى بين بقوله : (
إنما توعدون لصادق وإن الدين لواقع ) أن الحساب يستوفى والعقاب يوفى .