(
أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون فاسجدوا لله واعبدوا )
ثم قال تعالى : (
أفمن هذا الحديث تعجبون ) قيل : من القرآن ، ويحتمل أن يقال : هذا إشارة إلى حديث : (
أزفت الآزفة ) فإنهم كانوا يتعجبون من حشر الأجساد وجمع العظام بعد الفساد .
وقوله تعالى : (
تضحكون ) يحتمل أن يكون المعنى وتضحكون من هذا الحديث ، كما قال تعالى : (
فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون ) [ الزخرف : 47 ] في حق
موسى عليه السلام ، وكانوا هم أيضا يضحكون من حديث النبي والقرآن ، ويحتمل أن يكون إنكارا على مطلق الضحك مع سماع حديث القيامة ، أي أتضحكون وقد سمعتم أن القيامة قربت ، فكان حقا أن لا تضحكوا حينئذ .
وقوله تعالى : (
ولا تبكون ) أي كان حقا لكم أن تبكوا منه فتتركون ذلك وتأتون بضده .
(
وأنتم سامدون )
وقوله تعالى : (
وأنتم سامدون ) أي غافلون ، وذكر باسم الفاعل ، لأن الغفلة دائمة ، وأما الضحك والعجب فهما أمران يتجددان ويعدمان .
(
فاسجدوا لله واعبدوا ) يحتمل أن يكون الأمر عاما ، ويحتمل أن يكون التفاتا ، فيكون كأنه قال : أيها المؤمنون اسجدوا شكرا على الهداية واشتغلوا بالعبادة ، ولم يقل : اعبدوا الله إما لكونه معلوما ، وإما لأن
العبادة في الحقيقة لا تكون إلا لله ، فقال : (
واعبدوا ) أي ائتوا بالمأمور ، ولا تعبدوا غير الله ؛ لأنها ليست بعبادة ، وهذا يناسب السجدة عند قراءته مناسبة أشد وأتم مما إذا حملناه على العموم .
والحمد لله رب العالمين ، وصلاته على سيدنا محمد سيد المرسلين ، وخاتم النبيين ، وعلى آله وصحبه أجمعين .