(
يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ) ثم إنه سبحانه لما ذكر من دلائل الآفاق ملك السماوات والأرض ذكر بعده دلائل الأنفس فقال : (
يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ) وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : ذكر المفسرون فيه وجهين :
أحدهما : يحيي الأموات للبعث ، ويميت الأحياء في الدنيا .
والثاني : قال
الزجاج : يحيي النطف فيجعلها أشخاصا عقلاء فاهمين ناطقين ، ويميت . وعندي فيه وجه ثالث وهو أنه ليس المراد من تخصيص الإحياء والإماتة بزمان معين وبأشخاص معينين ، بل معناه أنه هو القادر على خلق الحياة والموت ، كما قال في سورة الملك : (
الذي خلق الموت والحياة ) [ الملك : 2 ] والمقصود منه كونه
سبحانه هو المنفرد بإيجاد هاتين الماهيتين على الإطلاق ، لا يمنعه عنهما مانع ولا يرده عنهما راد ، وحينئذ يدخل فيه الوجهان اللذان ذكرهما المفسرون .
المسألة الثانية : موضع (
يحيي ويميت ) رفع على معنى هو يحيي ويميت ، ويجوز أن يكون نصبا على معنى : له ملك السماوات والأرض حال كونه محييا ومميتا . واعلم أنه تعالى لما ذكر دلائل الآفاق أولا : ودلائل الأنفس ثانيا : ذكر لفظا يتناول الكل فقال : (
وهو على كل شيء قدير ) وفوائد هذه الآية مذكورة في أول سورة الملك .