(
يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين ) ثم قال تعالى :
(
يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين )
اعلم أن قوله تعالى : (
يغفر لكم ذنوبكم ) جواب قوله : (
تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله ) لما أنه في معنى الأمر ، كما مر ، فكأنه قال :
آمنوا بالله وجاهدوا في سبيل الله يغفر لكم ، وقيل جوابه : (
ذلكم خير لكم ) وجزم : (
يغفر لكم ) لما أنه ترجمة : (
ذلكم خير لكم ) ومحله جزم ، كقوله تعالى : (
لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن ) [ المنافقون : 10 ] لأن محل (
فأصدق ) جزم على قوله : (
لولا أخرتني ) قيل : جزم ( يغفر لكم ) بهل ، لأنه في معنى الأمر ، وقوله تعالى : (
ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ) إلى آخر الآية ، من جملة ما قدم بيانه في التوراة ، ولا يبعد أن يقال : إن الله تعالى رغبهم في هذه الآية إلى مفارقة مساكنهم وإنفاق أموالهم والجهاد ، وهو قوله : (
يغفر لكم ) وقوله تعالى : (
ذلك الفوز العظيم ) يعني ذلك
[ ص: 276 ] الجزاء الدائم هو الفوز العظيم ، وقد مر ، وقوله تعالى : (
وأخرى تحبونها ) أي تجارة أخرى في العاجل مع ثواب الآجل ، قال
الفراء : وخصلة أخرى تحبونها في الدنيا مع ثواب الآخرة ، وقوله تعالى : (
نصر من الله ) هو مفسر للأخرى ، لأنه يحسن أن يكون : (
نصر من الله ) مفسرا للتجارة إذ النصر لا يكون تجارة لنا بل هو ربح للتجارة ، وقوله تعالى : (
وفتح قريب ) أي عاجل وهو فتح
مكة ، وقال
الحسن : هو فتح
فارس والروم ، وفي (
تحبونها ) شيء من التوبيخ على محبة العاجل ، ثم في الآية مباحث :
الأول : قوله تعالى : (
وبشر المؤمنين ) عطف على ( تؤمنون ) لأنه في معنى الأمر ، كأنه قيل : آمنوا وجاهدوا يثبكم الله وينصركم ، وبشر يا رسول الله المؤمنين بذلك . ويقال أيضا : بم نصب من قرأ : نصرا من الله وفتحا قريبا ؟ ، فيقال : على الاختصاص ، أو على تنصرون نصرا ، ويفتح لكم فتحا ، أو على يغفر لكم ، ويدخلكم ويؤتكم خيرا ، ويرى نصرا وفتحا ، هكذا ذكر في الكشاف .