(
هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين )
(
هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين )
الأمي منسوب إلى أمة العرب ، لما أنهم أمة أميون لا كتاب لهم ، ولا يقرءون كتابا ولا يكتبون . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يريد الذين ليس لهم كتاب ولا نبي بعث فيهم ، وقيل : الأميون الذين هم على ما خلقوا عليه وقد مر بيانه ، وقرئ الأمين بحذف ياء النسب ، كما قال تعالى : (
رسولا منهم ) يعني
محمدا صلى الله عليه وسلم نسبه من نسبهم ، وهو من جنسهم ، كما قال تعالى : (
لقد جاءكم رسول من أنفسكم ) [ التوبة : 128 ] قال أهل المعاني : وكان هو صلى الله عليه وسلم أيضا أميا مثل الأمة التي بعث فيهم ، وكانت البشارة به في الكتب قد تقدمت بأنه النبي الأمي ، وكونه بهذه الصفة أبعد من توهم الاستعانة على ما أتى به من الحكمة بالكتابة ، فكانت حاله مشاكلة لحال الأمة الذين بعث فيهم ، وذلك أقرب إلى صدقه .
وقوله تعالى : (
يتلو عليهم آياته ) أي بيناته التي تبين رسالته وتظهر نبوته ، ولا يبعد أن تكون الآيات هي الآيات التي تظهر منها الأحكام الشرعية ، والتي يتميز بها الحق من الباطل (
ويزكيهم ) أي يطهرهم من خبث الشرك ، وخبث ما عداه من الأقوال والأفعال ، وعند البعض ( يزكيهم ) أي يصلحهم ، يعني يدعوهم إلى اتباع ما يصيرون به أزكياء أتقياء (
ويعلمهم الكتاب والحكمة ) والكتاب : ما يتلى من الآيات ، والحكمة : هي الفرائض ، وقيل : الحكمة السنة ، لأنه كان يتلو عليهم آياته ويعلمهم سننه ، وقيل : الكتاب الآيات نصا ، والحكمة ما أودع فيها من المعاني ، ولا يبعد أن يقال : الكتاب آيات القرآن والحكمة وجه التمسك بها ، وقوله تعالى : (
وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) ظاهر لأنهم كانوا عبدة الأصنام وكانوا في ضلال مبين وهو الشرك ، فدعاهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى التوحيد والإعراض عما كانوا فيه ، وفي هذه الآية مباحث :
أحدها : احتجاج
أهل الكتاب بها . قالوا قوله : (
بعث في الأميين رسولا منهم ) يدل على أنه عليه السلام كان رسولا إلى الأميين وهم العرب خاصة ، غير أنه ضعيف فإنه لا يلزم من تخصيص الشيء بالذكر نفي ما عداه ، ألا ترى إلى قوله تعالى : (
ولا تخطه بيمينك ) [ العنكبوت : 48 ] أنه لا يفهم منه أنه يخطه بشماله ، ولأنه
[ ص: 5 ] لو كان رسولا إلى العرب خاصة كان قوله تعالى : (
كافة للناس بشيرا ونذيرا ) [ سبأ : 28 ] لا يناسب ذلك ، ولا مجال لهذا لما اتفقوا على ذلك ، وهو صدق الرسالة المخصوصة ، فيكون قوله تعالى : (
كافة للناس ) دليلا على أنه عليه الصلاة والسلام كان رسولا إلى الكل .