(
قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير )
ثم قال تعالى : (
قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير )
(
قد فرض الله لكم ) . قال
مقاتل : قد بين الله ، كما في قوله تعالى : (
سورة أنزلناها وفرضناها ) ( النور : 1 ) وقال الباقون : قد أوجب ، قال صاحب "النظم" : إذا وصل بعلى لم يحتمل غير الإيجاب كما في قوله تعالى :
[ ص: 39 ] (
قد علمنا ما فرضنا عليهم ) ( الأحزاب : 50 ) وإذا وصل باللام احتمل الوجهين ، وقوله تعالى : (
تحلة أيمانكم ) أي تحليلها بالكفارة و(تحلة) على وزن : تفعلة ، وأصله تحللة ، وتحلة القسم على وجهين :
أحدهما : تحليله بالكفارة كالذي في هذه الآية .
وثانيهما : أن يستعمل بمعنى الشيء القليل ، وهذا هو الأكثر كما روي في الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013848لن يلج النار إلا تحلة القسم " يعني زمانا يسيرا ، وقرئ ( كفارة أيمانكم ) ، ونقل جماعة من المفسرين أن النبي صلى الله عليه وسلم حلف أن لا يطأ جاريته فذكر الله له ما أوجب من كفارة اليمين ، روى
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن الحرام يمين ، يعني إذا
قال : أنت علي حرام ولم ينو طلاقا ولا ظهارا كان هذا اللفظ موجبا لكفارة يمين (
والله مولاكم ) ، أي وليكم وناصركم وهو العليم بخلقه ، الحكيم فيما فرض من حكمه ، وقوله تعالى : (
وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا ) يعني ما أسر إلى
حفصة من تحريم الجارية على نفسه واستكتمها ذلك وقيل : لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم الغيرة في وجه
حفصة أراد أن يترضاها فأسر إليها بشيئين : تحريم الأمة على نفسه ، والبشارة بأن الخلافة بعده في
أبي بكر وأبيها
عمر ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وقوله : (
فلما نبأت به ) أي أخبرت به
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة (
وأظهره الله عليه ) أطلع نبيه على قول
حفصة nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم
حفصة عند ذلك ببعض ما قالت وهو قوله تعالى : (
عرف بعضه )
حفصة : (
وأعرض عن بعض ) لم يخبرها أنك أخبرت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة على وجه التكرم والإغضاء ، والذي أعرض عنه ذكر خلافة
أبي بكر وعمر ، وقرئ ( عرف ) مخففا أي جازى عليه من قولك للمسيء : لأعرفن لك ذلك وقد عرفت ما صنعت ، قال تعالى : (
أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم ) ( النساء : 63 ) أي يجازيهم وهو يعلم ما في قلوب الخلق أجمعين ، وقوله تعالى : (
فلما نبأها به قالت )
حفصة : (
من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير ) وصفه بكونه خبيرا بعدما وصفه بكونه عليما لما أن في الخبير من المبالغة ما ليس في العليم ، وفي الآية مباحث :
البحث الأول : كيف يناسب قوله : (
قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ) إلى قوله : (
لم تحرم ما أحل الله لك ) ( التحريم : 1 ) ؟ نقول : يناسبه لما كان تحريم المرأة يمينا حتى إذا قال لامرأته : أنت علي حرام فهو يمين ويصير موليا بذكره من بعد ويكفر .
البحث الثاني : ظاهر قوله تعالى : (
قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ) أنه كانت منه يمين ، فهل كفر النبي عليه الصلاة والسلام لذلك ؟ نقول : عن
الحسن أنه لم يكفر ؛ لأنه كان مغفورا له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وإنما هو تعليم للمؤمنين ، وعن
مقاتل أنه أعتق رقبة في تحريم
مارية .