(
فما منكم من أحد عنه حاجزين وإنه لتذكرة للمتقين وإنا لنعلم أن منكم مكذبين ) .
ثم قال : (
فما منكم من أحد عنه حاجزين ) .
قال
مقاتل والكلبي : معناه ليس منكم أحد يحجزنا عن ذلك الفعل ، قال
الفراء والزجاج : إنما قال : حاجزين في صفة أحد ؛ لأن أحدا هنا في معنى الجمع ؛ لأنه اسم يقع في النفي العام مستويا فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث ، ومنه قوله تعالى : (
لا نفرق بين أحد من رسله ) [البقرة : 285] وقوله : (
لستن كأحد من النساء ) [الأحزاب : 32] واعلم أن الخطاب في قوله : (
فما منكم ) للناس .
واعلم أنه تعالى لما بين أن القرآن تنزيل من الله الحق بواسطة
جبريل على
محمد الذي من صفته أنه ليس بشاعر ولا كاهن ، بين بعد ذلك أن
القرآن ما هو ؟ فقال :
(
وإنه لتذكرة للمتقين ) وقد بينا في أول سورة البقرة في قوله : (
هدى للمتقين ) [البقرة : 2] ما فيه من البحث .
ثم قال : (
وإنا لنعلم أن منكم مكذبين ) له بسبب حب الدنيا ، فكأنه تعالى قال : أما
من اتقى حب الدنيا فهو يتذكر بهذا القرآن وينتفع . وأما من مال إليها فإنه يكذب بهذا القرآن ولا يقربه .
[ ص: 106 ] وأقول :
للمعتزلة أن يتمسكوا بهذه الآية على أن الكفر ليس من الله ، وذلك لأنه وصف القرآن بأنه تذكرة للمتقين ، ولم يقل بأنه إضلال للمكذبين ، بل ذلك الضلال نسبه إليهم ، فقال : (
وإنا لنعلم أن منكم مكذبين ) ، ونظيره قوله في سورة النحل : (
وعلى الله قصد السبيل ومنها ) [النحل : 9] واعلم أن الجواب عنه ما تقدم .